إدارة الشئون الفنية
المال نعمة أم نقمة؟

المال نعمة أم نقمة؟

15 يوليو 2022

خطبة الجمعة المذاعة والموزعة

بتاريخ 16 من ذي الحجة 1443هـ - الموافق 15 / 7 /2022م

الْمَالُ نِعْمَةٌ أَمْ نِقْمَةٌ؟

الْحَمْدُ لِلَّهِ الرَّزَّاقِ ذِي الْقُوَّةِ الْمَتِينِ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، جَعَلَ مِنْ زِينَةِ الدُّنْيَا: الْمَالَ وَالْبَنِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ خَاتِمُ النَّبِيِّينَ وَإِمَامُ الزَّاهِدِينَ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. ]يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا[ [الأحزاب 70 – 71].

أَمَّا بَعْدُ: فَيَا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

إِنَّ قِوَامَ مَعَايِشِ الْعِبَادِ، وَعِمَادَ الْقُوَّةِ فِي الِاقْتِصَادِ، وَأُسَّ الْوَاجِبَاتِ الْمَالِيَّةِ، وَحَجَرَ الزَّاوِيَةِ فِي النَّفَقَاتِ الشَّرْعِيَّةِ: هُوَ الْمَالُ الَّذِي يَمِيلُ إِلَيْهِ الطَّبْعُ، وَيَجْرِي فِيهِ الْبَذْلُ وَالْمَنْعُ، وَتَرْغَبُ فِيهِ النُّفُوسُ الْبَشَرِيَّةُ، وَتَشْرَئِبُّ إِلَيْهِ الْأَعْنَاقُ؛ كَمَا قَالَ رَبُّ الْبَرِيَّةِ:  ]وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا[ [الفجر:20].

وَهُوَ شَقِيقُ الْأَرْوَاحِ، وَعَضُدُ الْعَتَادِ وَالسِّلَاحِ؛ إِذْ لَا تَسْتَغْنِي أُمَّةٌ عَنِ الْمَالِ، كَمَا لَا تَسْتَغْنِي عَنِ الْعُدَّةِ وَالرِّجَالِ، فَهُوَ مِنْ زِينَةِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَمِنْ أُصُولِ الِاكْتِفَاءِ وَالْغِنَى؛ قَالَ تَعَالَى: ]الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا[ [الكهف:46].

وَالنَّاسُ تُجَاهَ الْمَالِ أَصْنَافٌ: صِنْفُ الْمُتَزَهِّدِينَ الَّذِينَ زَهِدُوا فِيهِ زُهْدًا يُخِلُّ بِمَفْهُومِ الْمَالِ وَغَايَتِهِ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ كَوْنِ الْمَالِ وَسِيلَةً لِقَضَاءِ الْحَوَائِجِ، وَأَدَاءِ الْحُقُوقِ، وَقِيَامِ الْحَيَاةِ الرَّضِيَّةِ، وَبَيْنَ كَوْنِهِ وَسِيلَةً لِلتَّـكَاثُرِ وَالتَّفَاخُرِ وَالِانْشِغَالِ بِهِ عَنِ الْوَاجِبَاتِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ.

وَصِنْفٌ اسْتَهْوَاهُمُ الْمَالُ حَتَّى عَدُّوهُ غَايَةً بِنَفْسِهِ؛ تُبْذَلُ لِتَحْصِيلِهِ وَجَمْعِهِ كُلُّ السُّبُلِ الْمُمْكِنَةِ، وَتُقْضَى مِنْ أَجْلِهِ الْأَوْقَاتُ وَتُفْنَى الْأَعْمَارُ، حَتَّى صَارُوا عَبِيدًا لِلْمَالِ، يَخْبِطُونَ فِيهِ خَبْطَ عَشْوَاءَ لَا يُمَيِّزُونَ بَيْنَ حَلَالٍ وَحَرَامٍ، وَلِسَانُ حَالِهِمْ يَقُولُ:

إِنَّ الدَّرَاهِمَ فِي الْمَوَاطِنِ كُلِّهَـا       تَكْسُو الرِّجَالَ مَهَابَةً وَجَمَالَا

فَهِيَ اللِّسَانُ لِمَنْ أَرَادَ فَصَاحَةً      وَهِيَ السِّلَاحُ لِمَـــنْ أَرَادَ قِتَالَا

وَصِنْفٌ تَوَسَّطُوا فِي الْمَالِ؛ فَلَمْ يَعُدُّوهُ رِجْسًا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ، وَلَمْ يَلْهَثُوا وَرَاءَهُ حَتَّى يَسْتَهْوِيَهُمْ وَيَسْتَعْبِدَهُمْ، بَلِ اتَّخَذُوهُ قَاضِيًا لِلْحَاجَاتِ، وَقَائِمًا بِشُؤُونِ الْحَيَاةِ، وَسَبِيلًا لِلْقِيَامِ بِالْوَاجِبَاتِ.

عِبَادَ اللهِ:

إِنَّ نَظْرَةَ الشَّرْعِ لِلْمَالِ: هِيَ نَظْرَةٌ تَجْمَعُ بَيْنَ تَحْصِيلِ الْمَالِ بِالطُّرُقِ الْمَشْرُوعَةِ وَبَيْنَ اتِّخَاذِهِ وَسِيلَةً لِلْمَعَايِشِ؛ لَا غَايَةٌ تَفْنَى الْأَعْمَارُ فِي جَمْعِهِ وَتَكْدِيسِهِ، وَلَا يَتَفَانَى النَّاسُ فِي جَلْبِهِ وَتَحْصِيلِهِ. وَقَدْ رَاعَى الشَّرْعُ الْحَنِيفُ الْفِطْرَةَ الْإِنْسَانِيَّةَ، وَمَيْلَ النَّفْسِ الْبَشَرِيَّةِ إِلَى حُبِّ التَّمَلُّكِ، وَلَكِنَّهُ هَذَّبَ مَصَادِرَ اكْتِسَابِهِ وَمَخَارِجَ بَذْلِهِ وَإِنْفَاقِهِ.

فَالْمَالُ بِحَسَبِ مُتَمَوِّلِهِ وَمُسْتَعْمِلِهِ، فَقَدْ يَكُونُ نِعْمَةً وَقَدْ يَكُونُ نِقْمَةً، وَقَدْ مَدَحَ اللهُ الْمَالَ فَسَمَّاهُ نِعْمَةً؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ]وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا[ [الإسراء:83].

وَسَمَّاهُ جَلَّ جَلَالُهُ رَحْمَةً؛ فَقَالَ: ]وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى[ [فصلت:50]. وَسَمَّاهُ خَيْرًا؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ]وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ[  [العاديات:8].

وَهُوَ نِعْمَ الصَّاحِبُ الصَّالِحُ لِلرَّجُلِ الصَّالِحِ؛ فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ عَلَى المِنْبَرِ فَقَالَ: «إِنَّ هَذَا المَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، وَنِعْمَ صَاحِبُ المُسْلِمِ لِمَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ، فَجَعَلَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ، وَمَنْ لَمْ يَأْخُذْهُ بِحَقِّهِ، فَهُوَ كَالْآكِلِ الَّذِي لَا يَشْبَعُ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ شَهِيدًا يَوْمَ القِيَامَةِ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ]. وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ لِلْمَرْءِ الصَّالِحِ» [أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ].

وَحَذَّرَ اللهُ مِنَ الْمَالِ أَيْضًا: فَسَمَّاهُ فِتْنَةً؛ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ]وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ[ [الأنفال:28]. كَمَا ذَمَّ مَنِ اسْتَهْوَاهُ، حَتَّى اسْتَعْبَدَهُ وَأَشْقَاهُ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ، وَعَبْدُ الخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ» [أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ].

إِخْوَةَ الإِسْلَامِ:

لَقَدْ حَثَّتِ الشَّرِيعَةُ عَلَى كَسْبِ الْمَالِ مِنْ وُجُوهِهِ الشَّرْعِيَّةِ، وَنَهَتْ عَنِ اكْتِسَابِهِ بِالطُّرُقِ الْمُحَرَّمَةِ الْبِدْعِيَّةِ، ]هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ[ [الملك:15]. وَأَبَاحَتْ طَلَبَهُ بَعْدَ أَدَاءِ الْفَرَائِضِ وَالْوَاجِبَاتِ مِنَ الْعِبَادَاتِ؛ ]فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[  [الجمعة:10].

كَمَا أَمَرَتْ بِإِنْفَاقِهِ فِي مَرَاضِي اللهِ تَعَالَى: مِنْ أَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ، وَالتَّطَوُّعِ فِي الْمَنْدُوبَاتِ مِنَ الصَّدَقَاتِ وَالتَّبَرُّعَاتِ، وَبِالشُّكْرِ لِلَّهِ فِيهِ، وَعَدَمِ الطُّغْيَانِ بِهِ؛ إِذِ الْإِنْسَانُ مُسْتَخْلَفٌ فِيهِ؛ قَالَ تَعَالَى: ]آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ[ [الحديد:7]. وَقَدْ قِيلَ: (الشُّكْرُ زِينَةُ الْغِنَى، وَالْعَفَافُ زِينَةُ الْفَقْرِ). وَعَدَّتِ الشَّرِيعَةُ الْيَدَ الْمُعْطِيَةَ خَيْرًا مِنَ الْيَدِ الآخِذَةِ؛ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ أَنْ تَبْذُلَ الْفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ، وَأَنْ تُمْسِكَهُ شَرٌّ لَكَ، وَلَا تُلَامُ عَلَى كَفَافٍ، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى» [أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ].

أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ.

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الصَّادِقُ الْأَمِينُ، صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ، وَاعْمَلُوا بِطَاعَتِهِ وَرِضَاهُ.

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ:

وَإِذَا كَانَتْ شَرِيعَتُنَا الْغَرَّاءُ قَدْ حَثَّتْ عَلَى كَسْبِ الْمَالِ مِنْ وُجُوهِهِ الشَّرْعِيَّةِ ؛ فَقَدْ نَهَتْ فِي الْوَقْتِ نَفْسِهِ عَنِ اكْتِسَابِهِ بِالطُّرُقِ الْمُحَرَّمَةِ وَالسُّبُلِ الْمُجَرَّمَةِ، وَيَخْتَلِفُ طَلَبُ الْمَالِ بِحَسَبِ الْوَسِيلَةِ وَالْغَايَةِ، فَتَكْتَنِفُهُ الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ الْخَمْسَةُ: فَيَكُونُ طَلَبُهُ وَاجِبًا إِذَا كَانَ لِكِفَايَةِ نَفْسِهِ وَزَوْجِهِ وَوَلَدِهِ وَمَنْ يَعُولُ؛ قَالَ تَعَالَى: ]لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا[ [الطلاق:7 ].

وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْماً أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ» [أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَاللَّفْظُ لَهُ].

وَيَكُونُ طَلَبُ الْمَالِ مُسْتَحَبًّا إِذَا كَانَ يَزِيدُ عَلَى نَفَقَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ، بِقَصْدِ صِلَةِ الْأَرْحَامِ وَمُكَافَأَةِ الْأَصْدِقَاءِ وَمُوَاسَاةِ الْفُقَرَاءِ.

وَيَكُونُ طَلَبُهُ مُبَاحًا إِذَا قَصَدَ بِهِ التَّجَمُّلَ وَالتَّنَعُّمَ.

وَيَكُونُ مَكْرُوهًا إِذَا طَلَبَهُ لِلتَّفَاخُرِ وَالتَّكَاثُرِ وَلَوْ مِنْ طَرِيقٍ حَلَالٍ. ]اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ[ [الحديد:20].

وَيَحْرُمُ طَلَبُهُ وَاكْتِسَابُهُ إِذَا كَانَ بِطَرِيقٍ حَرَامٍ؛ كَالرِّبَا وَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ وَالرِّشْوَةِ وَالْقِمَارِ وَالْغِشِّ وَنَحْوِهَا؛ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ]يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ[ [النساء:29].

عِبَادَ اللهِ:

ذَاكَ هُوَ الْمَالُ، وَمَوْقِفُ الشَّرْعِ مِنْهُ، وَأَصْنَافُ النَّاسِ فِيهِ، فَمَنِ اكْتَسَبَهُ مِنْ حِلِّهِ، وَوَضَعَهُ فِي حِلِّهِ، وَأَدَّى حَقَّ اللهِ فِيهِ وَحُقُوقَ الْمَخْلُوقِينَ: فَهُوَ نِعْمَةٌ وَكَرَامَةٌ، وَمَنِ اكْتَسَبَهُ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ، وَمَنَعَ مَا وَجَبَ فِيهِ مِنَ الْحُقُوقِ: فَهُوَ نِقْمَةٌ وَمَلَامَةٌ. فَكُنْ يَا عَبْدَ اللهِ، مِمَّنْ يُحِلُّ حَلَالَهُ، وَيُحَرِّمُ حَرَامَهُ، وَلَا تَكُنْ مِمَّنْ شَغَلَتْهُمْ أَمْوَالُهُمْ عَنْ وَاجِبَاتِهِمُ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ؛ ]يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ[ [المنافقون:9-11].

اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الأَئِمَّةِ المَهْدِيِّينَ: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ؛ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ، إِنَّكَ قَرِيبٌ سَمِيعٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ، رَبَّنَا أَدِمْ عَلَيْنَا النِّعَمَ، وَادْفَعْ عَنَّا النِّقَمَ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَمِيرَنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ وَفِّقْهُ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ أَعْمَالَهُمَا الصَّالِحَةَ فِي رِضَاكَ، وَاجْعَلْ هَذَا البَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا، سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلَادِ المُسْلِمِينَ.

لجنة إعداد الخطبة النموذجية لصلاة الجمعة

الرقعي - قطاع المساجد - مبنى تدريب الأئمة والمؤذنين - الدور الثاني